728 x 90



img

أثناء تدريبي بمستشفيات الصحة النفسية ...قابلت سيدة مسنة تخدم المرضى وتساعدهم وتتحدث إليهم بكل ود ...
في البداية ظننت أنها تعمل داخل المستشفى على خدمة المرضى كموظفة ....ولكن أثار فضولي شيء غريب وهو كيف تملك هذه الطاقة الهائلة والنشاط في مكان كهذا ...ورغم كبر عمرها الزمني إلا أنها تتحرك كطفل نشيط.... وفي أحد المرات أثناء حديثي معها عرفت سر الطاقة الكامنة لديها....فهي متطوعة لكي تعيش هنا في المستشفى ....بعد أن كتب لها الطبيب على خروج بعد التعافي من مرضها...فهي تروي أنها لا تطيق بيتها بعد رحلة العلاج الطويلة هنا فرجعت كمتطوعة تخدم المرضى وترجع إلى سريرها هنا في عنبر النساء....فالناس هنا يعاملونها أفضل على حد قولها.... وبغض النظر عن الحقيقة الفعلية...
فاختارت هذه السيدة ان تعيش هنا بين تلك الجدران الكئيبة وبين أناس متعبين وتائهين ويعانون من الكثير من الأمراض النفسية ..
ليس لأن المكان مثالي وان الناس في المشفى طيبون على حد قولها ولكن ....هي تهرب من مواجهة الحياة الحقيقية ....قررت أن تعيش في منطقة الراحة والأمان بالنسبة لها...
كم من قرارات نؤجلها ...لكي لا نواجه العالم.
كم من مواهب نقتلها .....خوفاً من المواجهة ...
تلك الحالة من التأثير والتأثر بحالتنا الداخلية والعقل الجمعي حولنا الذي يزيد الأمر تعقيدا بانتقاداتكم ...
نصل إلى رسالة هامة من هذه القصة فتلك الحالة نعيشها جميعا بشكل أو أخر ...
علينا أن نقف وقفة مع ذواتنا ... نراقب ما اعتدنا عليه من أفكار ومشاعر .... في الغالب نميل إلى تكرارها مراراً في ما يسمى بدائرة الراحة...
ولأننا نرهب أو نخاف من التغيير فأصبح الخروج من الدائرة شيئا ضروري كي نكن مجتمع منتج ونستغل إمكاناتنا للوصول للأفضل ،
راقب ذاتك وإذا وجدت أي مشاعر وأفكار اعتدت عليها .فككها وحللها وقيمها ..... قد تكون لك أو عليك.

أسماء منصور -اختصاصي نفسي