728 x 90



img

محمد البنعلى المدير التنفيذى لجمعية اصدقاء الصحة النفسية لـ "الشرق":

استطعنا بإمكانياتنا البسيطة حل أزمات أسرية كثيرة واكتسبنا ثقة الجمهور

لا نسعى لسحب البساط من أي جهة والمستشفى دوره أساسي في العلاج

العديد من المتبرعين يرون أعمال الخير تقتصر على حفر بئر أو بناء مسجد

عالجنا مريضاً بفوبيا الاختلاط بالناس والآن يمارس حياته بصورة طبيعية

لا نسأل عملاءنا عن أسمائهم حفاظاً على السرية ونكتفي بإعطاء رمز للمراجع

البعض يفضل العلاج من الأمراض النفسية بالخارج لأنه أستر وليس أفضل

طموحنا تقديم خدمات لمدة 7 أيام وعلى مدى 24 ساعة ونستطيع ذلك .. ولكن ..

نحن على أتم الاستعداد لجعل الصحة النفسية في قطر في مستوى جيد للغاية

مستعدون للعمل ليل نهار لأننا متطوعون ولسنا موظفين نتقيد بساعات الدوام

خططنا للمؤسسات تنطلق من قناعة أن العامل إذا لم يحب عمله فلن يبدع فيه

كل ما نطلبه السماح لنا بجمع تبرعات لمواصلة العمل لأن المجتمع بحاجة لخدماتنا

حذر محمد البنعلي المدير التنفيذي لجمعية أصدقاء الصحة النفسية " وياك " من أن الجمعية مهددة بالتوقف نظرا لعدم وجود دعم مالي يسمح بمواصلة العمل ما لم توف جهات الاختصاص بوعدها في تدبير دعم للجمعية أو تجد الجمعية متبرعين من أصحاب الأيادي البيضاء .

وتطرق البنعلي إلى أنشطة الجمعية خلال مسيرتها التي امتدت إلى قرابة السنوات الست معددا ماحققته من انجازات ، بالإشارة إلى الأنشطة التي توقفت أو تقلصت مدة تقديمها للجمهور بسبب شح الموارد المالية .

وتحدث مطولا عن دور الجمعية في إحداث نقلة نوعية في قناعات المجتمع تجاه المرض النفسي ، والخجل من طلب المساعدة ، حيث اكتسبت الجمعية ثقة عدد كبير من الناس ، وأسهمت في حل أزمات أسرية عديدة ، وفيما يلي نص الحوار :

• ما أهداف الجمعية ، وكيف كانت بداية انطلاقتها ؟

**جمعية أصدقاء الصحة النفسية " وياك " هي جمعية أهلية تطوعية أنشئت في 2012 تسعى لتحقيق أقصى درجات الصحة النفسية بالمجتمع المحلى والعربي من خلال استخدام أساليب التوعية المختلفة .

وبصراحة تامة عند تأسيس الجمعية لم أكن على قناعة تامة بان الناس في حاجة فعلية إلى خدمات الاستشارات النفسية ، باعتبار أن هناك جهات كثيرة تقدم هذه الخدمات ولكن بعد أن بدأنا العمل فعليا ، واكتسبنا ثقة الناس وصلت إلى قناعة بأن الجمعية يمكن أن تلعب دورا كبيرا مكملا لما تقوم به المؤسسات المختصة .

• هل واجهتكم صعوبات عند التأسيس ؟

**أهم الصعوبات التي واجهتنا عدم وجود كوادر مؤهلة لتقديم الاستشارات بشكل كاف ، خصوصا أن جامعة قطر كانت قد أوقفت تدريس تخصصات علم النفس وعلم الاجتماع والخدمة الاجتماعية بحجة عدم وجود طلب على هذه التخصصات في سوق العمل ، ولكن سرعان ماتم إعادة تدريس هذه التخصصات ، ربما أنهم فطنوا إلى أن أي مجتمع لايستغني عن هذه التخصصات لمعالجة أي إشكاليات محتملة بحكم تطور المجتمع .

ولتلافي مشكلة توفر الكوادر المؤهلة طرحنا دورات تدريبية ، واستعنا بخبرات لإعطاء الإرشادات النفسية .

• هل تقومون بنفس أدوار قسم الطب النفسي بمؤسسة حمد الطبية ؟

** قطعا لا ، نحن كجمعية لم نأت لسحب البساط من أي جهة ، المستشفى يقوم بالدور الأساسي في العلاج وليس " وياك " نحن نعالج الأمور البسيطة التي تحتاج إلى علاج معرفي سلوكي ، مشاكل صغيرة مثل الاختلافات بين الزوجين ، وأشياء أخرى بسيطة يمكن أن تحل في جلستين أو ثلاثة إلى أن تتعدل الأوضاع وتزول المشكلة .

• هل هناك مؤشرات على ثقة الجمهور في خدماتكم ؟

**المؤشرات كثيرة ، باستمرار نتلقى اتصالات من أشخاص استفادوا من خدماتنا ، وسأعطى مثالين فقط ، أحد مراجعي الجمعية كان يعانى من خوف مرضى ( فوبيا ) من أي شخص يقف إلى جانبه التقيت به في أحد المساجد وسألته عن حاله ، فقال : الحال يغنى عن السؤال والدليل أنى أقف معكم في المسجد بصورة طبيعية ، وقد تخلصت تماما من مشكلتي بفضل جهود الاختصاصيين في جمعيتكم ، وأكد لي أن هناك أناسا كثيرين لديهم مشاكل نفسية ولكنهم يعانون من الخجل ، وسبق أن تواصل معنا أحد الأشخاص عن طريق تويتر وسأل عن مستوى السرية عندنا في الجمعية وأخبرناه أن درجة السرية تصل إلى عدم سؤال الشخص عن اسمه فطلب رقم التواصل مع الجمعية وتواصل مع المختصين من فوره وحلت مشكلته .

• كيف تعالجون الناس دون أن تسألوهم عن أسمائهم ، على الأقل قد تحتاجون إلى فتح ملف لكل مريض باسمه ؟

**نحن لانأخذ أسماء ونقوم بإعطاء رمز لكل مراجع ، وفى أغلب الحالات المراجعة لا تطول باستثناء حالات محددة يمكن أن تستمر مقابلاتها مع المختصين إلى شهور .

ونحن في الجمعية استطعنا بإمكانياتنا البسيطة أن نحل أزمات أسرية كثيرة .

• طالما أنتم جمعية تطوعية صرفة فلماذا يتم فرض رسوم ولو بسيطة على مقابلة المختصين لديكم ؟

** "وياك" جمعية أهلية تطوعية لاتسعى للربح أبدا ، فنحن منظمة مجتمع مدني ، ونأخذ رسوما بسيطة من المقتدرين فقط بقصد المحافظة على ديمومة خدماتنا ، من خلال تغطية مصروفاتنا ، وما نحصله من رسوم يتم دفعه للمختصين الذين يتعاونون مع الجمعية .

وقد التقيت بعاملين في قسم الطب النفسي شكروا الجمعية على جهودها لأنها تخفف الضغط الواقع عليهم ، وهناك نوع من عدم الوعي في المجتمع فيما يخص المرض النفسي ، كما أن هناك خلطا بين العلاج النفسي والعلاج الروحاني ، لذلك تجد الكثير من الناس يجهل أين يتوجه إذا أحس بحاجة للمساعدة ، وهناك أشخاص حتى يومنا هذا لايؤمنون بالمرض النفسي فإذا ظهرت على شخص أى أعراض يتم تأويلها بأنها عين أو حسد أو حتى سحر ويتوجهون للرقاة الشرعيين للقراءة عليهم .

وإذا أراد هذا الشخص عرض نفسه على قسم الطب النفسي فلن يجد موعدا في وقت قريب فيضطر للانتظار وقد تسوء حالته النفسية لذلك فان الجمعية تقوم بدور كبير في التسهيل على الناس لتلقي الاستشارة النفسية ، وهناك جهات عديدة تقوم بنفس المهمة ونحن لانريد هضم حق أحد ولكن نقول إن المجتمع لايزال في حاجة إلى مثل الخدمات التي نقدمها .

وأهل قطر كانوا يقومون بالعلاج في الخارج للحالات النفسية ليس لأن العلاج في الخارج أفضل ، ولكن لأنه استر من وجهة نظرهم ، وقد تكون الحالة بسيطة ولا تستدعي السفر للخارج أو انتظار الدور في قسم الطب النفسي ، ونحن في الجمعية نقوم بدور مهم في تحديد نوعية الحالات فنقوم بمعالجة الحالات البسيطة أما إذا وجدنا أن الحالة تتطلب علاجا دوائيا نقنعه بمراجعة مؤسسة حمد الطبية قسم الطب النفسي .

• ذكرت أن هناك خلطا لدى الناس بين العلاج النفسي والعلاج الروحاني ، هل لديكم مختصين يقومون بعملية فرز لأنواع الأمراض ، باعتبار أن موضوع العين والحسد حق ووردت فيه أحاديث نبوية صحيحة ؟

** لدينا مرشد نفسي لديه إلمام بالجوانب الشرعية المتعلقة بالرقية الشرعية ، وطور خبرة تمكنه من معرفة نوع المرض إذا كان روحانيا أو نفسيا ، ولدينا فكرة لإقامة دورة في الأمراض النفسية للرقاة الشرعيين المعتمدين من وزارة الأوقاف ، بحيث يستطيعون التفرقة بين أعراض المس والعين والمرض النفسي ، وذلك للوصول إلى تكامل الخدمات التي تقدمها الجمعية بحيث يصير تعاونا بيننا وبين وزارة الأوقاف لأن الرقاة يتغيرون .

والخلط لايقف عند هذا الحد بل إن هناك أناسا كثيرين يعتقدون أن المريض النفسي شخص قليل الإيمان ، وإذا سلمنا بذلك فان المصاب بالوسواس القهري ويعيد الوضوء أكثر من مرة أليس هذا شخص حريص على الطهارة ، وأحيانا نرى شخصا يكبر أكثر من أربع مرات في الصلوات لأنه يشك في أعماله ، هل أداها بالشكل المطلوب أم لا ، والحقيقة لا علاقة بين الإيمان والإصابة بالمرض النفسي ، لأنه مرض مثل أي مرض آخر ، هل الأمراض تأتى للناس حسب درجة إيمانهم ، بالطبع لا ، كما أن هناك شواهد قرآنية كثيرة تدل على أن مشاعر الحزن هي مشاعر إنسانية بحتة ، فذكر القرآن حال سيدنا يعقوب الذي أصيب بالعمى من شدة حزنه على يوسف عليه السلام " وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ " والرسول صلى الله عليه وسلم حزن على موت خديجة ، وعلى وفاة ابنه ، هل يمكن أن نصف الأنبياء والرسل بأن إيمانهم ضعيف لأنه يعتريهم مايعتري البشر من مشاعر ، بالطبع لا .

• كيف تقيم أنشطة الجمعية بعد مرور نحو 6 سنوات تقريبا على إنشائها ؟

** بدأنا في تقديم خدماتنا 3 أيام في الأسبوع لمدة 5 ساعات واستجابة لزيادة الطلب على خدمات الجمعية قمنا بزيادة الأيام إلى 5 أيام لمدة 5 ساعات وكان طموحنا تقديم خدمات لمدة 7 أيام وعلى مدى 24 ساعة ونستطيع الوصول إلى هذا الطموح ولكننا اضطررنا إلى تقليص خدماتنا إلى 3 أيام لمدة 3 ساعات بسبب شح الموارد المالية ، وشح التمويل مصدره وقف تصريح الجمعية لجمع التبرعات ، واستمرار هذا الدعم لمنظمات مجتمع مدني مشابهة مثل جمعية السرطان ، السكري ، ذوى الاحتياجات الخاصة ، ونحن نشترك معهم في أن مصادر تمويلنا داخلية ، وخدماتنا تقدم في الداخل ، وفوق هذا وذاك وجود بند في قانون الجمعيات يسمح لنا بتلقي التبرعات لتقديم خدماتنا للمجتمع ، والمشكلة أن المتضررين من هكذا قرارات لايستطيعون رفع أصواتهم للمطالبة بعودة الدعم للجمعية التي تقدم لهم خدمات المساعدة في حل مشاكلهم النفسية ، لأن المجتمع كما ذكرنا لايزال يتعامل مع المرض النفسي بحساسية مفرطة .

• ما الحلول من وجهة نظركم لضمان استمرار عمل الجمعية طالما أن المجتمع بحاجة إلى خدماتها ؟

**جمعيتنا مهددة بالإغلاق بسبب المشكلة المالية ، كل مانطلبه هو السماح لنا بجمع تبرعات نسير بها أنشطتنا ونحن على أتم استعداد لجعل الصحة النفسية في قطر في مستوى جيد للغاية ، فنحن على استعداد لنصل الليل بالنهار من أجل هذه الغاية لأننا متطوعون نحب هذا العمل ولسنا موظفين نتقيد بساعات دوام محددة .حتى المختصين الذين يعملون معنا نتعامل معهم من باب زكاة العلم نشره .

• ما انعكاسات ضعف موارد الجمعية المالية ؟

** كان لدينا موقع إلكتروني يستقبل مابين 10 إلى 15 حالة يوميا ، لأن هناك أشخاصا يخجلون من تلقي الاستشارة النفسية عبر الاتصال المباشر أو يتخوفون من ظهور أرقامهم أو الاستدلال على شخصياتهم ، بحكم أن العرب بطبعهم متحفظون ولكن مجتمعنا القطري نلحظ أن درجة التحفظ فيه أكبر باعتبار أن البلد صغيرة والعائلات تعرف بعضها البعض ، هذا الموقع اضطررنا إلى إيقافه لأن الدعم المالي توقف عن الجمعية ، ولن نستطيع تفريغ متخصصين للإجابة على الحالات التي ترد على الموقع واكتفينا بتلقي الاتصالات ثلاث مرات في الأسبوع على مدى 3 ساعات ، ففي السابق كان لدينا أربعة متخصصين يتلقون الاتصالات ويقدمون الإرشاد النفسي عبر الهاتف الآن تقلص العدد إلى مختص واحد ، لذلك اضطررنا إلى اعتماد 3 أيام في الأسبوع لمدة 3 ساعات فقط .

ولابد أن يعرف الجميع أن جمعية أصدقاء الصحة النفسية " وياك " ليست اقل شأنا من الرياضات الشعبية ، فلماذا نصرف ببذخ على الرياضة ، ويقل عطائنا على الصحة النفسية ، مع أننا ننصح دائما بالرياضة لاكتساب الصحة النفسية ، فالعملية تكاملية .

• هل لديكم أعمال أخرى بخلاف تقديم الاستشارات النفسية للأفراد ؟

** لدينا جانب توعوي مع المدارس ، نقدم من خلاله محاضرات وندوات ، كما لدينا تعامل مع جهات عمل ، فطنت إلى أهمية الصحة النفسية في زيادة الإنتاجية ، لأن الإنسان ليس آلة إذا قلت إنتاجيته لأي سبب من الأسباب تقوم باستبداله بآخر ، فحتى يعطى الموظف إنتاجية عالية لابد أن يكون مرتاحا نفسيا ، وللأسف الاهتمام بهذا الجانب ضئيل في العالم العربي عموما ، ولكن شعرنا ببوادر وعي مؤسساتي بالصحة النفسية للعاملين .

كما لدينا أعمال توعوية في شكل أفلام على درجة عالية من الاحترافية ، وقد وقعنا على اتفاقية شراكة مع مؤسسة الرعاية الصحية الأولية ، ونحن بصدد توقيع اتفاقية مماثلة مع مؤسسة حمد الطبية .

• ماذا تقدمون للعاملين في المؤسسات للمحافظة على صحتهم النفسية ؟

** نقوم بوضع خطط للمؤسسات ، من خلالها يتم تقديم جلسات جماعية وأخرى فردية للعاملين في المؤسسة من6 شهور إلى سنة كاملة ، وننطلق من قناعة أن العامل إذا لم يحب عمله لن يبدع فيه ، وقمنا في هذا الصدد بتقديم خطة للجهات التي تضطلع بملف مونديال قطر 2022 ، فهذا الحدث الكبير يتطلب اهتماما بالصحة النفسية للأعداد الكبيرة التي تشارك في هذا الحدث الهام .

• ماذا عن العاملين في الجمعية هل جميعهم متطوعون أم هناك كوادر تتقاضى رواتب ؟

** أغلب العاملين في الجمعية من المتعاونين ولولا شح التمويل كان بإمكاننا أن نعمل أكثر ونحدث فرقا ، لأن نمتلك الروح والدافعية لكن شح الموارد المالية يكبل طموحنا ، ورغم أننا تلقينا وعودا منذ أربعة أعوام من بعض الجهات لدعم الجمعية إلا أننا لم نر شيئا على ارض الواقع .

• هل تواصلتم مع خيرين للحصول على دعم لمواصلة أنشطتكم ؟

** العديد من المتبرعين يرون أن أبواب الخير تقتصر فقط على حفر بئر أو بناء مسجد ، مع أن إنقاذ حياة إنسان يعني إنقاذ أسرة من الضياع لقوله تعالى " وَمَنْأَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ " ، ولكن للأسف فان هذه الثقافة غير موجودة لدى المتبرعين .